تحدث كارلوس ألبرتو باريرا ولويز فيليبي سكولاري علنا ​ً​عن أهمية بطولة كأس القارات  في تحديد معالم الفريق الذي سيدافع عن ألوان البرازيل بعد عام من الآن في نهائيات كأس العالم ، حيث أكدا أن ما لا يقل عن 80٪ من المنتخب الذي سيمثل البلد المضيف في عام 2014 سيأتي من القائمة المرتقبة في شهر يونيو/حزيران.

ولذلك، فإن كل من توجه له الدعوة للإنضمام إلى المنتخب البرازيلي قبل بضعة أسابيع من انطلاق مهرجان الأبطال، لا بد وأن ينتابه كثير من الحماس والتفاؤل. ومع ذلك، يوجد سبب وجيه جداً وراء الحذر الشديد الذي يتحلى به اندريه سانتوس.

صحيح أنه لا يخفي سعادته العارمة بالعودة مرة أخرى إلى صفوف السيليساو، بيد أن الظهير الأيسر أظهر تحفظاً واحتياطاً كبيرين حيال ذلك طوال المقابلة بأكملها حيث يدرك في قرارة نفسه أن المهمة الحقيقية قد بدأت للتو. ذلك أنه قبل مدة كان أقرب من غيره لخوض أول كأس عالم في مسيرته، حيث وجد نفسه في وضع مماثل لهذا الذي يعيشه اليوم، لكن الحلم انهار في آخر لحظة، معترفاً هو نفسه بكل هدوء وحكمة أن الذنب كان ذنبه.

وقال لاعب جريميو في حديثه "لقد ارتكبت بعض الأخطاء، حيث كنت شارد الذهن في بعض الأحيان. عندما تلعب في السيليساو، عليك أن تتحلى بالتركيز إلى أقصى حد، وبشكل دائم، لأن هناك الآلاف من اللاعبين الذين يريدون أن يكونوا مكانك."

وتابع قائلاً: "لم أنتبه لذلك في الوقت المناسب، كما لم أكن أدرك أنه كانت تنقصني العقلية اللازمة، سواء من الناحية التكتيكية أو خارج الملعب. فقد كنت أضيع كرات كثيرة وأتأخر في التعامل مع بعض الحالات التي تتطلب تركيزاً تاماً. لقد تعلمت درسي اليوم، وأعتقد أنه بإمكاني أن أعود أقوى من السابق، حيث سأحاول الذهاب إلى كأس العالم."

في عام 2009، وبعد نصف موسم لم تشبه شائبة، حيث فاز بلقب باوليستا وكأس البرازيل مع كورينثيانز، استُدعي أندريه سانتوس لأول مرة إلى المنتخب البرازيليين الذي كان يستعد لخوض مباراتين حاسمتين ضمن التصفيات المؤهلة لكأس العالم  قبل التنافس في كأس القارات . في جنوب أفريقيا 2009، كان بمثابة بديل كليبر وقد تم إشراكه في الشوط الثاني من عمر المباراة الأولى التي خاضها البرازيليون ضد المنتخب المصري. لكنه ظل في التشكيلة الأساسية في جميع المباريات التالية التي توّجها السيليساو بحصد اللقب.

لذلك بدا وكأن الطريق معبد أمام اندريه سانتوس لضمان مكانه في قائمة 23 لاعباً لحمل قميص المنتخب البرازيلي المشارك في كأس العالم جنوب أفريقيا 2010 ، لكن سوء تركيزه خارج الملعب أفسد كل شيء. ففي الجولة ما قبل الأخيرة من تصفيات أمريكا الجنوبية المؤهلة لجنوب أفريقيا، وتحديداً في أكتوبر/تشرين الأول 2009 في لاباز، تخلف أندريه سانتوس سهواً عن موعد التقاء اللاعبين، حيث ضل طريقه إلى المكان المحدد، لتنطلق حافلة الفريق باتجاه الملعب بينما ظل هو تائهاً في دهاليز الفندق. وكما أوضح هو نفسه في حديثه، توجد قائمة طويلة من اللاعبين الذين يتصيدون مثل هذه الفرصة للإنضمام إلى المنتخب. وفي الأشهر التالية، وكما كان متوقعاً، خسر مكانه لصالح ميشيل باستوس، الذي اصطحبه دونجا إلى جنوب أفريقيا عام 2010. لكن أندريه تعلم الدرس واستنبط العبر من تلك التجربة الأليمة.


الحصول على مكان في المنتخب البرازيلي المشارك في كأس العالم لم يكن أبداً بالأمر السهل، مهما كان اسمك وبغض النظر عن سجلك. كل ما أعرفه هو أني أعمل دون كلل ولا ملل.

اندريه سانتوس

"واجبي الأول هو الدفاع"
حدث كل هذا خارج الملعب ولكنه الآن - في سن الثلاثين وبعد أربع سنوات في كرة القدم الأوروبية – يمكن القول إنه أحرز تقدماً كبيراً في مسيرته، وتحديداً في طريقة تموقعه فوق أرضية الملعب. كما تحسن ابن ساو باولو كثيراً من الناحية التقنية، حيث باتت مشاركته الهجومية أكثر فعالية من أي وقت مضى. ولكن باعتباره ظهيراً في المقام الأول، فإن أداءه الدفاعي هو المعيار الأساسي للحكم عليه. وخلال الفترة التي قضاها في آرسنال، الذي انضم إليه من فنربخشه التركي في عام 2011، اكتسب أندريه تجربة كبيرة.

وأوضح سانتوس بالقول: "كرة القدم الإنجليزية ليس فقط واحدة من الأفضل في العالم، بل إنها أيضا من الأشد حرصاً على الجانب التكتيكي. كان علي بذل الكثير من الجهد لكي أتكيف معها."

وأضاف: "لكن أعتقد أن تلك التجربة ساعدتني على تعلم أشياء كثيرة وخاصة فيما يتعلق بالتموقع. تعلمت أني ظهير في المقام الأول والآن أصبحت جاهزاً تماماً لتحمل مسؤوليتي كاملة في هذا المركز. لقد استوعبت أنه في خط دفاعي من أربعة لاعبين، وظيفتي الأساسية هي الدفاع بشكل جيد، وعند الضرورة فقط يمكنني المشاركة في الهجوم بفعالية. ألعب هكذا مع (فاندرلي) لوكسمبورجو في فريق جريميو، وهكذا يجب اللعب في المنتخب البرازيلي كذلك، حيث يزخر بالكثير من المواهب في خط الوسط والهجوم."

عندما عاد إلى البرازيل في أوائل عام 2013 على سبيل الإعارة، كانت فكرة اندريه سانتوس تتمثل في ضمان مكانه ضمن تشكيلة جريميو، واللعب جيداً مع فريقه الجديد، ومن ثم استعادة مكانه في السيليساو. لكن ما لم يكن يتوقعه، ربما، هو أن يُستدعى مرتين من قبل سكولاري بعد أسابيع فقط من وصوله إلى كتيبة جاوتشو، حيث خاض مع المنتخب الوطني مباراة ودية ضد بوليفيا، وخلالها لعب أساسياً وكان عنصراً مهماً في الفوز 4-0. وها هو الآن يتلقى الدعوة للمباراة الودية الأخرى ضد تشيلي.

وعندما ترى اندريه يرتدي قميص السيليساو من جديد، من الصعب أن تصدق أنه قبل وقت وجيز، كان يتعرض لوابل من الإنتقادات في إنجلترا.

وأوضح المخضرم البرازيلي أن "كل هذا يثبت كم يحتاج اللاعب من الثقة في النفس لمواجهة التحديات،" مدركاً في الوقت ذاته مدى قوة منافسيه على مركز الظهير الأيسر في المنتخب الوطني، والذين يتألقون بدورهم في ملاعب أوروبا، مثل مارسيلو (ريال مدريد) وأدريانو (برشلونة) وفيليبي لويس (أتلتيكو مدريد).

ومهما يكن، فإن الصعوبات التي واجهته خلال مسيرته تسمح له بالتطلع إلى المستقبل بثقة، حيث ختم حديثه بالقول: "الحصول على مكان في المنتخب البرازيلي المشارك في كأس العالم لم يكن أبداً بالأمر السهل، مهما كان اسمك وبغض النظر عن سجلك. كل ما أعرفه هو أني أعمل دون كلل ولا ملل. وأنا سعيد ومتحمس جداً حيال اللعب لجريميو. في ظل هذه الظروف ستأتي الفرص مع المنتخب. اليوم، سأتعامل معها بعقلية مختلفة. صدقوني."