باعتبارها من البلدان الأحدث في العالم، لم تضيّع دولة جنوب السودان الكثير من الوقت للإنضمام إلى ، وبعد حوالي سنة من استقلال الدولة عام 2011، تم الترحيب باتحادها الوطني للمستديرة الساحرة في كنف الهيئة الناظمة لشؤون كرة القدم الدولية. وخاضت البلاد أول مباراة دولية لها، وكان لقاءاً ودياً مع أوغندا في يوليو/تموز 2012 وانتهى بالتعادل بهدفين لمثلهما. ويُعتبر جيمس موجا أحد لاعبين عدة مثّلوا دولتين على المستطيل الأخضر، وسرعان ما اشتهر هذا اللاعب المحترف في الهند بتسجيله أول هدف دولي لدولة جنوب السودان.

التقى موقع  مؤخراً بهذا النجم الصاعد الذي قال إن ذاكرته ستخلد للأبد ذكرى ارتدائه قميص الدولة الوليدة للمرة الأولى: "كان شعوراً مذهلاً عندما خضتُ مباراتي الأولى مع جنوب السودان. اشرأبّت بلادي وشغفي [بها]. لا يمكن للكلمات أن تصف شعوري، فهو أمر يجري عميقاً في الروح. لم يكن من السهل بالنسبة لنا أن نحصل على استقلالنا السياسي، وحالما حصلنا عليه، أصبح مسألة فخار وطني أن نخوض صراعاً مماثلاً على مضمار اللعب. عندما استمعت للنشيد الوطني، أدمعت عيناي. كان ذلك بمثابة حلم تحوّل لحقيقة. كان الأمر مماثلاً عندما سجلتُ هدفاً، كان ذلك بمثابة حلم تحوّل لحقيقة. تداعت مسألة التهديف إلى ذهني قبل المباراة، وهذا ما جرى فعلاً وكان أمراً رائعاً."

تطوير الأداء واكتساب المهارات

يقرّ ابن التاسعة والعشرين بأن على جنوب السودان الإنخراط باللعب مع جيرانها وأشقائها الشماليين لبعض الوقت من أجل صقل المواهب: "بصراحة، شبّ لاعبو كرة القدم في الشمال. الظروف جيدة ويدعم الناس اللاعبين والمسؤولون يعرفون خبايا اللعبة. لعبتُ معهم لثماني سنوات، الناس هناك يهتمون بكرة القدم، فهي الرياضة الأولى. أما في جنوب السودان، فقد خرج الناس مؤخراً من حرب أهلية. وكانت هذه الحرب هي الشغل الشاغل لوقت طويل. اللعبة الأولى في جنوب السودان هي كرة السلة لأن اللاعبين طوال القامة وبإمكانهم التأقلم مع اللعبة بسهولة."

إلا أن موجا واثق من أن هذا الوضع سيتغير في المستقبل: "بدأت حكومة [جنوب السودان] بحماسة في الإهتمام برياضات أخرى، مع التركيز على كرة القدم. لقد انتبهوا إلى كل البطولات المقامة، وأدركوا أهمية الرياضة. أعتقد أن الأمور ستتغير خلال السنوات الثلاث إلى الأربع المقبلة. نملك الكفاءة، فلاعبونا مهرة. والآن هم بحاجة للعب سوية بشكل مستمر. حالياً، يوجد أربعة لاعبين فقط كانوا جزءاً من تشكيلة منتخب الشمال، وحالياً نمزج خبرتهم مع لاعبين آخرين بهدف تطوير المنتخب."

ستأتي فرصتنا يوماً وسنستغلها. سننتظر أن تأتي، لكن ذلك لن يحصل دون بذل جهود كبيرة.
جيمس موجا

يؤمن هذا اللاعب المغوار أن بوسع بلاده التقدم نحو الأمام كروياً إن حصلت على الدعم الكافي مع التحلي بالصبر: "يحتاج اللاعبون للوقت، بما أنه لا يمكن أن يتطوروا بين ليلة وضحاها. أية عملية بناء تحتاج للصبر. ستكون السنوات الأربع إلى الخمس المقبلة بمثابة اختبار هائل لنا. والهزيمة ستكون جزءاً من الرحلة، وهو اختبار يحتاج لدعم من أجل تحقيق الهدف النهائي بتحسين وبناء دولة قوية كروياً."

وباعتباره من اللاعبين الأوسع خبرة في المنتخب، يدرك موجا أنه من اللاعبين الذين بوسعهم إرشاد الزملاء: "يناسب هذا الدور أيضاً كابتن الفريق ريتشارد جستن. فقد كان قائد منتخب السودان، والآن يقود منتخبنا. وفيما يتعلق بالخبرة الدولية، فأنا أقف خلفه، ولكني أحترف منذ تسع سنوات."

بوركينا فاسو ونموذج يُحتذى به

شدّ موجا رحاله إلى الهند وانضم إلى نادي سبورتينج كلوب دي جوا، قبل الإنتقال إلى نادي بون أف سي بعد ذلك بعام. وقال عن هذه الخطوة: "راق لي الإنتقال إلى بون عندما زرتُ المدينة للمرة الأولى في موسم 2011-2012. إنها مكان جميل للإقامة. أحب الطريقة التي يلعبون بها. فهم محترفون جداً، ومختلفون عن الأندية الأخرى، رغم أنه كان أمام خيارات أخرى. أعتقد أن بوسع الفريق أن يذهب بعيداً في منافسات الدوري الهندي."

يقرّ موجا بأنه يفتقد للعب في جنوب السودان، رغم تأقلمه بشكل جيد مع اللعب في الهند: "الديار هي الديار دائماً. عندما تصل عائلتي إلى الهند ـ وأتمنى أن يكون ذلك قريباً ـ سيكون الأمر أكثر سهولة. نتيجة تعليم أطفالي، فإن زوجتي وبنتاي (عمرهما سبعة أعوام وعامان) وابناي التوأم (خمسة أعوام ونصف) يقيمون في كامبالا."

ويقول موجا أن على جنوب السودان أن تستقي الإلهام من كرة القدم الأفريقية: "كرة القدم الأفريقية اليوم لم تعد تشبه الماضي. لم يكن أحد يعرف بوركينا فاسو [كروياً] لكنها خاضت نهائي كأس الأمم الأفريقية وواجهت نيجيريا. ستأتي فرصتنا يوماً وسنستغلها. سننتظر أن تأتي، لكن ذلك لن يحصل دون بذل جهود كبيرة."

يلعب  أيضاً دوراً مهماً من أجل تطوير كرة القدم في البلاد، فقد وافقت لجنة تطوير  العام الماضي على تقديم مساعدة بقيمة مليون دولار لبناء مقر للإتحاد الوطني للعبة ومركز فني. ورغم أن العمل على هذين المشروعين لم يبدأ بعد، إلا أن  سينخرط في الشهر الحالي بمساعدة في مجال الحوكمة الكروية وسيناقش مسائل التمويل وتحديد الأولويات، بما في ذلك مشاريع البنية التحتية التي تمت المصادقة عليها العام الماضي.