لا جديد في الدنمارك. فعلى بعد 10 نقاط من ثاني الترتيب وقبل خمس جولات عن خط النهاية، يتقدم المتصدر كوبنهاجن بخطى ثابتة نحوه لقبه الخامس على التوالي والعاشر في 13 عاما. فقد حل الزعيم ضيفاً على نوردسيالاند يوم 15 أبريل/نيسان وعاد بفوز ثمين 3-2 من ملعب مطارده المباشر، ليضع اليد الأولى على درع البطولة. وكما جرت العادة هذا العام، كان أندرياس كورنيليوس هو العلامة الفارقة في الدقيقة 77.

كان هذا الشاب الواعد بمثابة ظاهرة دوري الدرجة الأولى هذا الموسم. ذلك أن صاحب القامة الفارعة (1.93م)، الذي يبلغ من العمر 20 عاماً فقط، لم يشارك الموسم الماضي إلا في عدد قليل من مباريات فريقه، بل وفي المراحل الأخيرة من المنافسات، علماً أن الشيء الوحيد الذي حصل عليه حينها كان عبارة عن بطاقة صفراء. لذلك لم يكن هناك أي مؤشر على أن كورنيليوس سيكون هو نجم نجوم هذا العام، حيث أظهر مهارة خارقة في التحكم بالكرة بالقدمين كما بالرأس، إذ بات يتصدر ترتيب هدافي الدنمارك برصيد 18 هدفاً.

وفي تصريح له خلال شهر سبتمبر/أيلول الماضي قال المدرب البلجيكي آرييل جاكوبس، الذي سبق له أن اكتشف مواطنه روميلو لوكاكو، ذلك النجم الصاعد الآخر الذي لا يتجاوز عمره 20 عاما بينما يصل طول قامته إلى 1.90م: "إن كورنيليوس يبهرني في كل مباراة، بمهاراته وقدرته على التسجيل بانتظام. بدنياً وذهنياً، أظهر قوة خارقة في إيجاد الظروف المثلى للتكيف مع متطلبات كل مباراة."

وفي حديث لموقع  قال أندرياس "أنا أول من اندهش لهذا المستوى. لم أتوقع أن أقدم موسما جيداً بهذا الشكل ولا الظهور بهذا الأداء طوال هذه السلسلة من المباريات ولا أن أكون هداف الدوري. بصراحة، في بداية الموسم لم تكن طموحاتي تصل إلى هذا الحد. اكتشفت للتو معنى اللعب في النخبة، وحتى الآن لا يزال كل شيء جديداً بالنسبة لي، ولكني لا أخفي سروري. أنا سعيد جدا بكل ما يحدث لي، ولكني أيضاً عملت بجد للوصول إلى حيث أوجد اليوم..."

وبالفعل، لم يكن ابن كوبنهاجن يفتقر للطموح والعزيمة. فهذا الشاب الذي تعلم أصول اللعبة في نادي العاصمة، الذي يشجعه منذ صغره، كان يراوده حلم واحد أوحد، ألا وهو "اللعب في هذا الفريق يوماً ما،" موضحاً في الوقت ذاته: "لقد فعلت كل شيء في سبيل ذلك. منذ طفولتي وأنا من أشد مناصري هذا النادي، الذي يُعتبر الأكبر في الدنمارك. وارتداء قميصه اليوم يملؤني فخراً واعتزازاً بطبيعة الحال." وتابع كورنيليوس، الذي تبدو وصفة التألق بسيطة في رأيه، حيث أوضح أنه "من الضروري الحفاظ على التواضع. فالعمل والتواضع هما، في اعتقادي، مفتاح النجاح."

أفضل أن لا أقارن نفسي بأي كان. حالياً أركز على مهامي مع النادي. لا أفكر في مستقبلي. سنرى ما يخبئه القدر.
أندرياس كورنيليوس

والتجربة أيضاً عامل مهم في الطريق إلى النجاح. وهذا بالضبط ما ينقص فريقه الطموح الذي ما زال غير قادر على شق طريقه في الساحة الأوروبية. فقد خرج كوبنهاجن من الدور التمهيدي لدوري الأبطال على يد ليل الفرنسي بعد الوقت الإضافي (1-0؛ 0-2)، لكنه لم يتمكن بعد ذلك من العبور إلى مرحلة المجموعات في الدوري الأوروبي.

وقال كورنيليوس في هذا الصدد: "لدينا فريق شاب. نحن نفتقر إلى الخبرة. ولعل تحقيق الإنسجام مع اللاعبين الجدد ربما يكون قد استغرق وقتاً طويلاً."

من جيل إلى آخر

ومن المفارقات أن المنتخب الوطني يعيش وضعية مماثلة. فبعد اعتزال النجوم السابقين أمثال توماس سورينسن وكريستيان بولسن، تم فسح المجال أمام كورنيليوس و كريستيان اريكسن و فيكتور فيشر وغيرهم. لكن فترة الإنتقال بين الجيل القديم والجديد كان لها تأثير على نتائج كتيبة الديناميت، التي تحتل المركز الرابع في المجموعة الثانية، مما يعني أن المهمة ستكون صعبة للغاية في ما تبقى التصفيات المؤهلة لكأس العالم البرازيل 2014 .

وفي هذا الصدد، قال كورنيليوس صاحب خمسة أهداف من أصل سبع مباريات دولية: "شخصياً، أعتقد أننا لعبنا جيداً. لسوء الحظ، فإن مرتبتنا لا تعكس ذلك. إننا حقاً نستحق أفضل من ذلك." وأضاف "لكن ما زال الأمل يحدوني، ولا أزال أؤمن بحظوظنا في التصفيات. وعلى أي حال، ليدنا جيل جيد من اللاعبين الشباب القادمين بقوة سواء في المنتخب الوطني أو في نادي كوبنهاجن."

في الوقت الحالي، يرتبط اسم كورنيليوس بعدد من الأندية الأوروبية، حيث بات البعض يطلق عليه لقب نيكلاس بندتنر الجديد. لكن صاحبنا يفضل التركيز على الحاضر والإستمتاع باللحظة الراهنة، حيث ختم حديثه بالقول: "أفضل أن لا أقارن نفسي بأي كان. حالياً أركز على مهامي مع النادي. لا أفكر في مستقبلي. سنرى ما يخبئه القدر."