الجمعة، 19 أبريل 2013

فن التسديد بالكعب وابرز لاعبيه


"ضَع قدم الدعم لديك بجانب الكرة، حرّك قدمك فوق أو حول الكرة، وبحركة واحدة سريعة، اضغط على الجزء الأمامي من الكرة بكعبك." هذا ما يفسّره برنامج تعليمي للإتحاد الانجليزي لكرة القدم لمتصفحي الأنترنت الراغبين بتعلّم كيفية السيطرة على الكعب. لعبة أطفال، أليس كذلك؟ لإقناعكم، جرّبوها في الحديقة أو في الصالون.

لكن هل يمكنكم تطبيق هذه الحركة خلال المباراة وبسرعة كبيرة في وضعية أكروباتية وفي نهائي إحدى أكبر الدورات في العالم؟ بعض اللاعبين نجحوا في ذلك، في وضعيات لا تُصدّق وفي لحظات غير متوقعة أبداً. يعود موقع  لأجمل الكرات بالكعب التي طبعت تاريخ اللعبة الجميل.

هدف ديدييه دروجبا الأخير لجلطة سراي في إياب ربع نهائي دوري أبطال أوروبا 2013، يؤكّد أن هذه الحركة العبقرية لا تبطل موضتها أبداً. على الساحة الأوروبية أيضاً عام 1987، سجّل رابح ماجر أحد أهم الأهداف بالكعب في تاريخ اللعبة. حركة غرائزية من الجزائري منحت بورتو أول ألقابه في كأس أبطال أمام بايرن ميونيخ. يتذكّر اللاعب الذي مرّر أيضاً هدف الفوز 2-1 لجواري، لموقع  ما حدث قائلاً ”كان ظهري إلى المرمى، ولم يكن بمقدوري سوى لعب الكرة بالكعب للتسجيل. لعبت بغريزتي، وضربتها بسرعة. لم يكن لدي الوقت للتفكير. بعد النهائي مباشرة، كرّرت الحركة في مباراة في الدوري. سجّلت أيضاً..."

في الجزء الفرانكوفوني من العالم، يُطلق على هذه الحركة اسم ماجر، لكن في اللغة الإيطالية تُعرف باسم دل بييرو. لسوء حظ اليساندرو دل بييرو فإن الهدف الذي سجله بكعبه في النهائي الأوروبي بعد عشر سنوات لم يكن كافياً لأن يوفنتوس سقط في النهائي أمام بوروسيا دورتموند 3-1. 

تكرار وتهديف

عرف باستيان شفاينشتايجر خسارتين في نهائي المسابقة مع بايرن، لكن قبل أن يخوض ربما النهائي الثالث له في مايو/أيار 2013، يمكنه أن يتباهى بتسجيل الهدف الذي منح العملاق البافاري لقب الدوري الألماني في زمن قياسي وذلك بكعبه في مرمى إينتراخت فرانكفورت في 6 أبريل/نيسان الماضي. كان قد سجّل هدفاً مماثلاً في مرمى مونشنجلادباخ قبل ثلاث سنوات...لكنه كان بين المتفرجين عندما سجل البرازيلي جرافيتي هدفاً رائعاً بكعبه بعد أن اخترق الدفاع البافاري خلال فوز فولفسبورج الكبير 5-1 عام 2009 عندما أحرز الذئاب اللقب. 

فهم شفاينشتايجر وجرافيتي القصة: هذه اللمسات العبقرية تبقى عالقة في الأذهان عندما تحصل في مباريات حاسمة. أثبت ذلك الأرجنتيني ليوبولدو لوكي، بطل كأس العالم  1978 مع بلاده، وذلك في ديسمبر/كانون الأول 1979 مع ريفر بلايت. كان فريق بوينوس أيرس بحاجة للتعادل ضد هوراكان لضمان المركز الثاني في المنطقة "ب" والتأهل إلى الدور النهائي من البطولة المحلية. يتذكّر جمهور ملعب مونومنتال أن ميليوناريوس نجحوا بالمهمة وتعادلوا 1-1، لكنهم يتذكرون بالطبع الهدف الذي منحهم التعادل. تلقى المهاجم تمريرة بعيدة من الجهة اليسرى، فتلاعب بالحارس وسجل بكعبه في المرمى الخالي! تأهل ريفر إلى الدور النهائي ثم أحرز اللقب... 

وتلقى هيرنان كريسبو الذي مرّ في نادي العاصمة، الدروس أيضاً، وأصبح من الإختصاصيين. خلال موسم 1998-1999، صنع المهاجم الدولي مهرجاناً، وسجل بكعبه في مرمى فيورنتينا في إياب نهائي كأس إيطاليا ليحرز اللقب، وكرّر اللمحة في الدوري على أرض يوفنتوس محققاً فوزاً استعراضياً 4-2 بينها ثلاثية لفالدانيتو، ثم مرّة أخرى أمام بوردو في ربع نهائي كأس الإتحاد الأوروبي الذي فاز بلقبه بارما بهدف من كريسبو في النهائي. 

لكن خلال الموسم عينه، عانى الهدّاف من وضع مماثل عندما عاد لاتسيو فائزاً من ملعب إينيو تارديني. عندما كانت النتيجة 1-1، حوّل روبرتو مانشيني الكرة على الطائر وبكعبه ليخدع لوكا ماركيجياني المتفاجئ على غرار مدربه ألبرتو ماليزاني. تذكّر المدرّب بعد المباراة التي فاز فيها فريق العاصمة 3-1: ”كرة القدم تتكوّن من ومضات عبقرية مثل هذه التحفة الفنية التي هزّت ثقتنا."

تبدّلت الأيام وتحوّل الهدّاف القديم إلى مدرّب في مانشستر سيتي، فاستبدل ماريو بالوتيللي بعد فرصة مهدرة في مباراة تحضيرية للموسم ضد لوس أنجليس جالاكسي عام 2011. أما السبب؟ الثقة الزائدة وإهدار هدف بكرة في الكعب... 

مهاجم سابق لستيزينز كان يودّ أن يهدر هدفه. من لا يحلم بالتسجيل بهذه الطريقة في أحد أهم ديربيات العالم؟ حصل دينيس لو على هذه الفرصة ضد مانشستر يونايتد في نهاية موسم 1973-1974. أرسل هذا الهدف الغريم اللدود  إلى الدرجة الثانية!

لكن في وقت كان مشجعو فريقه يهللون، كان لو على وشك البكاء. في الواقع، كان قد حمل ألوان يونايتد لمدّة 11 سنة قبل الإنضمام إلى سيتي. ويكشف أحد أساطير ملعب أولد ترافورد: "لم أتقبل ذلك ولم أرد أن تجري الأمور هكذا. لعبت مع هؤلاء الشبان وكانوا اصدقائي. لم أرغب بإنزالهم إلى درجة دنيا. كان هذا الأمر الأخير الذي أودّ القيام به! لم أشعر بحالة جيدة أبداً."

القرار الجيّد في الوقت المناسب

كان وضع يوهان كرويف مختلفاً للغاية عندما هزّ شباك أتلتيكو مدريد عام 1973 مسجلاً لبرشلونة أحد أجمل الأهداف في مسيرته المجيدة. خيّم التعادل السلبي على اللقاء، فلعب كارليس ريكساتش عرضية من الجهة اليمنى بدت لوهلة أنها طويلة على الهولندي. لكن امتداد رائع للاعب ساعده لضرب الكرة بكعبه ليخدع الحارس المدريدي ميجيل آنخيل رينا ويسجّل الهدف الأول من فوز فريقه 2-1. وعلّق خوان كارلوس لورنزو مدرّب كولشونيروس آنذاك "كرويف خارق، وهو من طينة ألفريدو دي ستيفانو." مقارنة مرحّب بها، لأنه قبل نحو 20 سنة، وفي عام 1955، استخدم السهم الأبيض كعبه لتسجيل أحد اربعة أهداف خلال فوز فريقه على أتلتيكو أيضاً... 

قدّر دون ألفريدو عام 2012 إلهام خليفته مع الفريق الأبيض كريستيانو رونالدو ضدّ رايو فايكانو في فبراير/شباط 2012 عندما سجّل هدف الفوز للميرنجي 1-0. وشرح البرتغالي الهدف قائلاً "كانت الكرة قوية، ولم يتوقع أحد أن تدخل المرمى. لم أفكّر كثيراً، سدّدت بالكعب وبفضل ذلك فاجأت الحارس والمدافعين. سمح لنا الهدف بتحقيق الفوز، لذا فإن قيمته مضاعفة." في الواقع ساعد ريال للسير نحو لقب تحقق بمساهمة من 45 هدفاً لرونالدو بالذات.

في المقابل، لم يسجّل تييري هنري أكثر من 25 هدفاً ليقود آرسنال نحو وصافة الدوري الانجليزي في موسم 2004-2005. أحدها أمام تشارلتون في أكتوبر/تشرين الأول 2004، بقي في أذهان جماهير المدفعجية عندما مرّر له خوسيه أنطونيو رييس، وبدون أي حلول وظهره نحو المرمى، فاجأ هنري الدفاع بأكمله وخدع الحارس دين كيلي بكرة رائعة بالكعب، قوية ودقيقة.

بعد الفوز 4-0، شرح مدربه آرسين فينجر اللمسة العبقرية لمهاجمه، ما ينطبق على جميع اللاعبين المذكورين أعلاه: ”لا أعتقد أن التسجيل بالكعب صعب. الصعب هو اتخاذ القرار الجيّد في الوقت المناسب..."

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق