كان هذا الموسم شائكاً لسبورتينج لشبونة. فبعدما استهل المنافسات رافعاً تحدي الفوز بدرع بطولة الدوري، وجد الفريق نفسه خاوي الوفاض في وقت مبكر، حيث خرج من كأس البرتغال، والدوري الأوروبي وكأس رابطة الأندية البرتغالية، ناهيك عن احتلاله مركزاً لا يليق بسمعته في ترتيب السوبر ليجا، مما قتل الحماس والتشويق في أوساط مشجعيه. ذلك كتيبة "أوش فيردي برانكوش" كانت قد وجدت نفسها في وضع غير مريح بالقرب من مؤخرة الجدول في بعض مراحل الموسم، قبل أن تنتفض في الأسابيع الأخيرة ويستعيد الأسود كبرياءهم، وذلك بفضل انتهاج نفس السياسة التي جلبت لهم نجاحا كبيرا في الماضي.

كانت نقطة التحول في ثورة سبورتينج عندما وصل جيسوالدو فيريرا إلى سدة الإدارة الفنية في يناير\كانون الثاني. فبعدما قرر الإقدام على هذه المخاطرة المحسوبة، قدم المدرب الجديد دعمه اللامشروط لعدد من اللاعبين الشباب الذين تخرجوا للتو من أكاديمية النادي ذات السمعة العالية.

صحيح أن الانتصارات الثلاثة المتتالية التي ميزت بداية عهده عقبتها بعض النتائج غير المرضية، ولكن فيريرا تمكن من وضع خارطة الطريق لكي يمضي الفريق قدماً. وكما ظهر فوق أرضية الملعب بشكل واضح لا غبار عليه، فإن قرار المدرب لحقن الأسود ببعض حيوية الشباب أصبح يؤتي ثماره بشكل رائع، بعدما باتت الثقة تعم كل أرجاء النادي.

وقال فيريرا :"عندما جئت إلى سبورتينج قررت أن أشاطر بعض أفكاري مع أعضاء مجلس الإدارة. أردت أن أطبقها على أرض الواقع، وهذا ما قمت به. لم أكن أعرف الكثير عن هؤلاء اللاعبين ولكنهم أثبتوا أنهم أكثر من رائعين، حيث إن لهم من المهارة ما يكفي لمساعدتنا على تسلق المراتب في الدوري".

كان نادي لشبونة يحتل المرتبة 12 في الجدول عندما تولى فيريرا مهمته، أي بفارق نقطة واحدة فقط عن منطقة الهبوط. ومنذ ذلك الحين، تمكن أبناء قلعة جوزيه ألفالادي من الارتقاء إلى المركز السابع على بعد نقطتين فقط من المراتب المؤدية إلى تصفيات الدوري الأوروبي.

وأوضح فيريرا في هذا الصدد: "نحن بحاجة إلى المزيد من النقاط إذا كنا نريد أن نتأهل إلى أوروبا، وسوف نعول على هؤلاء اللاعبين للحصول عليها. إنهم يتمتعون بصفات اللاعبين الشباب. إنهم متحمسون إلى اقصى حد وتحدوهم رغبة جامحة في التعبير عن أنفسهم، وأحيانا أكثر من اللازم. ثقتهم في أنفسهم تُعتبر ورقة رابحة بالنسبة لنا".

على خطى النجوم

شهرة سبورتينج بقدرته على إعداد المواهب الشابة ليست وليدة اليوم. فمن رحم هذا النادي خرج بعض الأساطير من أمثال باولو فوتري، لويس فيجو، كريستيانو رونالدو، جواو موتينيو وناني واللائحة طويلة من اللاعبين الكبار الذين صنعوا لأنسهم أسماء لامعة في عالم كرة القدم، بعدما اكتشفهم الجمهور لأول مرة بقميص "أوش فيردي برانكوش".

وتُعقد آمال كبيرة لرؤية هذا الجيل الحالي يسلك نفس المسار في الطريق إلى النجومية، حيث بات يسود هذا الطموح الكبير بعد تحقيق ثلاثة انتصارات متتالية ضمن سلسلة من النتائج الإيجابية في الآونة الأخيرة، علماً أن الفريق لم يعرف معنى الخسارة في المباريات الخمس الماضية، مما يشكل دليلاً على أن الخبرة والتجربة الطويلة في الملاعب ليسا دائماً العامل الأهم وعنصر الحسم في كرة القدم.

فقد كان متوسط ​​عمر لاعبي سبورتينج في تلك المباريات الخمس الأخيرة لا يتجاوز 22 سنة، حيث كان ميجيل لوبيز - البالغ من العمر 26 ربيعاً - أكبر عنصر في التشكيلة. وفي المقابل، فإن شريكيه في مركز قلب الدفاع، ماركوس روخو وتياجو إيلوري، لا يتجاوز سنهما 23 و20 عاماً على التوالي، في حين أن الجناح البارع بروما، الذي جذب بالفعل اهتمام أكبر الأندية في أوروبا، فإنه بالكاد يبلغ 18 ربيعاً.

وهناك عامل آخر في صحوة الفريق الأخيرة، ألا وهو قدرته على تكييف احتياجاته مع مشتل الشباب الذي تزخر به أكاديميته. والمثال الصارخ على ذلك هو إريك دير - البالغ من العمر 19 عاما - والذي كان يلعب في الفريق الرديف عندما استلم فيريرا دفة سبورتينج. فقد ضمه على الفور إلى الفريق الأول، ليلعب على الجانب الأيمن من الخط الخلفي وكذلك في قلب الدفاع، قبل أن يسلمه المدرب دوراً متقدماً في خط الوسط، حيث أظهر قدرته على تقديم أداء أفضل بكثير.

تفوق هذا اللاعب الإنجليزي المولد في منصبه الجديد، وهو يدرك أيضاً ما يعنيه ظهور نجم واعد في سماء سبورتينج بالنسبة للجماهير والمشجعين. وقال إريك دير "إن هذا النادي فخور جدا بأكاديميته والعمل الذي تم إنجازه. من الناحية المالية، لا يمكننا منافسة الأندية الكبيرة الأخرى في أوروبا، ولكننا نعرف ما يلزم لجعل اللاعبين يطورون مهاراتهم هنا. أسماء مثل فيجو ورونالدو حاضرة دائما في أذهاننا عندما نحل هنا في الأكاديمية".

حارس حكيم في عرين سورتينج

نهاية هذا الأسبوع، يواجه أشبال سبورتينج أكبر اختبار لهم في مسيراتهم القصيرة، حيث سيحلون يوم الأحد بملعب دا لوش لملاقاة بنفيكا متصدر ترتيب الدوري الذي يفخر برصيده الخالي من الهزيمة. وعلى الرغم من فارق النقاط الكبير الذي يفصل بين الجانبين في جدول الترتيب، فإن الأسود عازمون كل العزم على عرقلة مسيرة النسور نحو اللقب.

ويُعتبر الحارس روي باتريسيو من أبرز عناصر الخبرة في الفريق، على الرغم من أنه مازال في ربيعه الخامس والعشرين، مما يشكل مثالاً صارخاً آخر على التزام سبورتينج بسياسة الشباب، علماً أن حامي عرين كتيبة "أوش فيردي برانكوش" لعب أساسياً في المواسم الستة الأخيرة بل وإنه أيضاً الحارس رقم 1 في منتخب البرتغال. وقد لخص باتريسيو رغبة الفريق وطموحه في تحقيق نتيجة كبيرة في كلاسيكو لشبونة نهاية هذا الأسبوع بالقول: "إن مباريات الديربي تتميز دائماً بالندية والاحتراز التكتيكي. نحن نعرف أن المهمة ستكون صعبة، لكننا نمثل نادي سبورتينج، ونحن ذاهبون إلى دا لوش لتحقيق الفوز. هذا ما يشغل بالنا في الوقت الراهن".